بين السيستاني و النجيفي.. الولي العراقي الفقيه
>>في واحدة من عجائب السياسة العراقية و تناقضاتها المثيرة للسخرية في زمن الفوضى و
>>أشباه الرجال قام رئيس البرلمان العراقي المحروس أسامة النجيفي بزيارة مدينة النجف
>>واعتذر المرجع الديني الأعلى علي السيستاني عن إستقباله لإرتباطه بمواعيد أخرى,
>>والخبر قد يبدو عاديا لو كان الزائر أي شخص عراقي عادي و لكن أن يتم الإعتذار
>>المرجعي من شخص قيادي يمثل الشعب العراقي و مرجعيته الدستورية المنتخبة وبإعتباره
>>ممثلا لكل الشعب العراقي فإن في الأمر أكبر من وقفة لأنه بصراحة موقف فضائحي لا
>>يمكن إبتلاعه بسهولة فإعتذار السيستاني عن إستقبال النجيفي وهو في عرينه النجفي
>>يمثل إهانة بالغة للمؤسسة الدستورية العراقية المفترضة و التي يفترض أنها تمثل كل
>>الشرائح و الأطياف و الطوائف و الملل و النحل العراقية , ولا أدري حقيقة ماذا يفعل
>>رئيس البرلمان العراقي في حضرة السيستاني ? فهل يسأله العون السياسي ? أم يطلب
>>المباركة و القدسية ? أم ماذا بالضبط ? و السؤال الذي يؤرقني كثيرا و يدخل معه جميع
>>ساسة العراق في حلبة النفاق الكبير المعروفة عن الحالة العراقية هو فيما إذا كان
>>العراق يحكم وفقا لنظرية ولاية الفقيه المستترة و ليست الظاهرة كما هو الحال في
>>الحالة الإيرانية . فالنظام الإيراني ووفقا لفلسفة الحكم الخاصة به يدار وفق نظام
>>ولاية الفقيه الجامع للشرائط والتي يمثلها هناك علي خامنئي رغم أنه ليس أعلم
>>المراجع و لا أكثرهم علما و أتباعا ومقلدين ولكنه زعامة سياسية صيغت وفق قياسات
>>فقهية ودينية طائفية تتجاوب مع الحالة الإيرانية الخاصة لذلك تكون زيارات السياسيين
>>الإيرانيين و الأجانب له متناسبة مع وضعه السلطوي و الإداري و التنظيمي الخاص في
>>هيكلية السلطة هناك من دون أن ننسى بأن الخامنئي هو إيراني الجنسية و ليس مرجعا
>>أجنبيا مقيما هناك أي أنه من ( عيال بطنها ). أما في الحالة العراقية و التي دخلتها
>>الديمقراطية الرثة بعد إحتلال عسكري أميركي شامل لم يخل من همجية وفوضى و سلب و نهب
>>فكل الأوراق تبدو متشابكة في ظل نظام سياسي هجين يرفع راية الديمقراطية ويمارس
>>إستبداد الأكثرية , يتذرع بالتقدمية و المشاركة الحضارية ويجنح و يشجع ممارسات
>>متخلفة ألقت بظلالها الثقيلة على الوضع العام في العراق , نظام ديمقراطي فاشل تتحكم
>>بعجلاته أحزاب دينية وطائفية متخلفة لاعلاقة لها بالديمقراطية بل بالانضباط الحزبي
>>و الولاء الطائفي و الروح العشائرية و الممارسات الرجعية و السقيمة التي لا علاقة
>>لها بالحضارة ولا بما يدور في العالم من آفاق و متغيرات , بلد تتحكم في شوارده و
>>موارده الإرادة الأميركية وهو مع ذلك يحكم من قبل أتباع مخلصين وجنود تاريخيين
>>للنظام الإيراني بلد يجمع كل المتناقضات الغريبة العجيبة بطلاسمها غير المفهومة و
>>بتجلياتها المريضة و بإيحاءاتها السقيمة , بلد يركض السياسيون فيه و يهرولون في كل
>>صغيرة وكبيرة صوب مدينة النجف لطلب المباركة و المشورة و الموافقة من رجال دين
>>أجانب لايحملون الجنسية العراقية و لا يتحدثون بلغة العراقيين و لا تظهر أصواتهم و
>>لا شخصياتهم للملأ و الرأي العام , فرئيس الوزراء المحروس من عيون البشر يركض كل
>>حين صوب (دربونة السيستاني) لطلب المشورة , و كذلك يفعل وزراؤه ثم جاء الدور على
>>رئيس البرلمان العراقي و البعثي السابق أسامة النجيفي ليقوم بالزيارة المعلومة لرجل
>>أجنبي لا يحق له وفقا للقوانين المعمول بها التدخل في الشأن السياسي العراقي
>>فالسيستاني الإيراني أو إسحق الفياض الأفغاني أو بشير النجفي الباكستاني هم رجال
>>دين محترمون أجانب يحملون جنسيات بلادهم العريقة و المعروفة ووفقا للدساتير المعمول
>>بها لايحق لهم التدخل في الشأن العراقي ? فهل يهرع أهل السنة مثلا صوب الأزهر او
>>صوب القصيم لطلب المشورة و الإستشارة و اخذ الأوامر ? وهل يركض المسيحيون الكاثوليك
>>صوب الفاتيكان لأخذ الرأي و المشورة و التنفيذ و هل يهرع أتباع الكنيسة الشرقية صوب
>>الكرازة المرقسية في الإسكندرية لطلب المشورة و الرأي و التنفيذ أيضا ? ماهذه
>>الفوضى ? و من يحكم العراق حقيقة ? ولماذا لايظهر علي السيستاني للرأي العام ويلقي
>>خطبه و يصدر توجيهاته ? ولماذا لا يلجأ المجلس الأعلى للثورة الإيرانية في العراق
>>لتنصيبه رسميا إماما ووليا فقيها للعراق لكي تكون لتدخلاته أسباب دستورية ? كيف
>>يرضى سياسيو العراق إن كانوا حقا حريصين على مصلحة الوطن أن يدار العراق من قبل
>>مجموعة من رجال الدين الأجانب يدرسون الناس أحكام الحيض و النفاس و المسائل الشرعية
>>و يجمعون أموال الخمس و الزكاة التي لا تصرف على فقراء العراق و معدميه و معذبيه و
>>مشرديه بل تصرف و تستثمر في أماكن أخرى معلومة كإيران و الهند و باكستان ? هل فتحت
>>أموال المراجع وهي بالمليارات مستشفيات لمعالجة أبناء العراق المسرطنين بسبب الحروب
>>العبثية للأزمنة الغبراء السابقة و اللاحقة ? هل فتحت المدارس و دور العلم ? هل
>>بنيت بأموال الزكاة و الخمس و الحقوق الشرعية المشاريع السكنية أو حتى السياحية ?
>>ام أنه حرام على الناس السؤال عن مليارات الأموال المنهوبة التي من شأنها أن تحول
>>العراق لجنة إستثمارية بدلا من الحالة البائسة التي يعيشها حاليا ? ماذا يفعل
>>النجيفي في النجف وفي حضرة السيستاني بالضبط ? هل يطلب حلا لمشكلة شرعية ? أم يطلب
>>رأيا إستشاريا لايحق له طلبه من أجنبي مقيم فوق الأرض العراقية ?... سؤالي الأخير
>>ماهو جنس الأنواع و الكائنات البشرية التي تحكم العراق حاليا ? ووفق أي إنتماء
>>تنتمي أو تصنيف تصنف ? ولا أقول سوى ماقاله الجواهري قبل عقود :
>>أي طرطرا تطرطري